المساعدة المالية من الدولة: هل تشكّل طوق النجاة للمواطن العُماني؟
![]() |
المساعدة المالية من الدولة: هل تشكّل طوق النجاة للمواطن العُماني؟ |
في كل مجتمع، توجد فئات تمرّ بأزمات اقتصادية صعبة، وقد تكون هذه الأزمات طارئة أو مزمنة، نتيجة فقدان العمل، أو ضعف الدخل، أو الالتزامات الحياتية المتزايدة. وفي سلطنة عُمان، تبدو الحاجة إلى مساعدة مالية من الدولة أمرًا حيويًا وأساسيًا لفئات عديدة، تمثل الشريحة الصامتة في المجتمع، تلك التي لا تشتكي كثيرًا ولكنها تعيش على الحافة.
فما واقع هذه المساعدات؟ وهل تشكّل بالفعل حلاً حقيقيًا؟ ومن هم المستحقون؟ وكيف يرى المواطن العُماني هذه المسألة؟
أولاً: المواطن بين الضغوط والتطلعات
في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية وارتفاع كلفة المعيشة، باتت الرواتب المحدودة لا تغطي متطلبات الحياة اليومية. فالمواطن العُماني الذي يعيل أسرته، ويواجه مصاريف التعليم والعلاج والسكن، يجد نفسه في دوامة لا تنتهي من الالتزامات، خصوصًا في المناطق التي تفتقر إلى فرص العمل أو الخدمات الكافية.
هل من العدل أن يظل المواطن حبيس الديون والقلق، بينما تمتلك الدولة مقدرات يمكن توجيه جزء منها لمن هم في أمسّ الحاجة؟
اقرأ أيضا : القطن العضوي هو من دون منازع الأكثر شهرة وانتشاراً،
ثانيًا: آليات الدعم الحكومي الحالية في سلطنة عمان
سلطنة عمان لا تغفل عن البعد الاجتماعي في سياستها، ومن أبرز أشكال الدعم المالي الموجه للمواطنين:
-
الضمان الاجتماعي:تُقدَّم مساعدات شهرية لعدد من الفئات المستحقة مثل الأرامل، الأيتام، المطلقات، كبار السن، والمعاقين، وفق ضوابط قانونية تضمن وصول المساعدة للمحتاج الحقيقي.
-
المساعدات الطارئة:في بعض الحالات الاستثنائية، تقدم وزارة التنمية الاجتماعية مساعدات طارئة بعد دراسة الحالة، وتشمل من فقدوا عائلهم أو من يمرون بكوارث طبيعية أو صحية.
-
برامج تمكين اقتصادي:ظهرت مبادرات لتمكين الأسر المنتجة عبر القروض الميسرة أو الدعم الفني، وهي تساعد ولكنها تحتاج وقتًا طويلًا لتحقيق أثر مادي مباشر.
-
صندوق الرفد سابقًا (الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حاليًا):وفر تمويلاً محدودًا للمشاريع الصغيرة، لكنه لا يغني عن الدعم المالي المباشر للفئات غير القادرة على بدء أعمال.
لكن… هل هذه الآليات كافية؟
ثالثًا: وجهة نظر المواطن: بين الامتنان والمطالبة بالعدالة
يرى كثير من المواطنين أن الدعم المالي الحالي لا يغطي سوى نسبة بسيطة من الحالات المحتاجة، وأن هناك حالات كثيرة تمر بصمت، دون أن تتأهل رسميًا للمساعدة رغم أنها تعاني.
يقول أحد المواطنين:
"لا أطلب مالًا كثيرًا… فقط ما يعينني على إطعام أطفالي دون أن أطرق أبواب البنوك."ويقول آخر:"الرواتب لا تكفي، والأسعار ترتفع، وأحيانًا المساعدة المالية تكون الفرق بين الحياة والضياع."
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن المساعدة المباشرة، وخاصة في ظروف معيشية ضاغطة، تمنح المواطن شعورًا بالكرامة وتكسر حاجز العجز والخجل، وتمنعه من الوقوع في دوامة الديون أو العوز.
رابعًا: من يستحق المساعدة؟ معايير تحتاج إلى مرونة
رغم وجود معايير دقيقة لتحديد مستحقي المساعدة، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا. فبعض الحالات تقع في المنطقة الرمادية: لا هي فقيرة تمامًا، ولا قادرة على تأمين احتياجاتها بكرامة.
لذلك، يرى مختصون ومواطنون أن:
-
معايير الاستحقاق بحاجة لمراجعة دورية.
-
يجب إدخال عوامل جديدة في التقييم مثل عدد أفراد الأسرة، القروض البنكية، مستوى التضخم المحلي.
-
فتح باب الشكاوى والتظلمات لمن رُفضت طلباتهم لظروف بيروقراطية.
خامسًا: اقتراحات لتوسيع دائرة المساعدة المالية
لتحقيق تأثير فعلي في حياة المواطن، يمكن التفكير في خطوات عملية، منها:
-
توسيع قاعدة المستفيدين من الضمان الاجتماعي لتشمل العائلات ذات الدخل المحدود، لا الفقيرة فقط.
-
إطلاق برنامج دعم نقدي مؤقت للمواطنين المتأثرين من تغيرات السوق أو فقدان الوظيفة.
-
دمج المساعدات الحكومية مع الجمعيات الخيرية المحلية لتوزيع الدعم بشكل أكثر مرونة.
-
مراجعة مستمرة للأسعار مقابل الرواتب، بحيث يكون هناك آلية تلقائية لرفع الدعم عند الحاجة.
سادسًا: أبعاد إنسانية للمساعدة المالية
ليس المال مجرد أرقام… هو أمل.
-
أمل لشاب أن يبدأ حياته.
-
أمل لأب أن يُلبّي طلب طفل.
-
أمل لأسرة أن تعيش بلا ديون.
والمساعدة المالية، حين تُمنح بروح إنسانية، تعني أن الدولة ترى شعبها، وتسمعه، وتحنو عليه.
سابعًا: الأسئلة الشائعة (FAQ)
ختامًا: رسالة أمل… لا إحباط
في سلطنة عمان، الأسس موجودة، والنية الطيبة حاضرة، لكن التحدي هو أن تصل هذه المساعدات لمن يحتاجها فعلًا، بسرعة، وبكرامة.
لذلك، على المواطن أن يطالب، وعلى الدولة أن تصغي، وعلى المجتمع أن يتضامن، لأن الكرامة لا تُشترى… ولكن يمكن أن تُصان بقرار بسيط وحنون.