الحد الأدنى للأجور في سلطنة عُمان: بين الواقع وتطلعات الباحثين عن عمل
تعد قضية الحد الأدنى للأجور من المواضيع الحيوية التي تشغل بال الكثيرين في سلطنة عُمان، خاصةً في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. هذا الاهتمام متزامنًا مع تطلعات الباحثين عن عمل نحو تحسين ظروفهم المعيشية والمهنية.
تاريخ وتطور الحد الأدنى للأجور في عُمان
في عام 2013، أصدرت وزارة القوى العاملة القرار الوزاري رقم 222/2013، الذي حدد الحد الأدنى لأجور العُمانيين العاملين في القطاع الخاص بـ325 ريالًا عُمانيًا شهريًا، موزعة إلى 225 ريالًا كأجر أساسي و100 ريال كعلاوات منذ ذلك الحين، لم يشهد هذا الحد الأدنى تعديلات جوهرية، مما أثار تساؤلات حول مدى ملاءمته مع التغيرات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة.
اقرأ أيضا : ما توقعات دول الخليج بشأن ترامب؟
استياء الباحثين عن عمل: الأسباب والمظاهر
وفقًا لبيانات "تعداد 2020"، بلغ إجمالي الباحثين عن عمل في السلطنة 65,438 باحثًا، منهم 47,007 من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا. تشكل الإناث نسبة 56% من هذا العدد، بينما يشكل الذكور 43.4%.
يعبر العديد من هؤلاء الباحثين عن استيائهم من عدة جوانب، أبرزها:
ثبات الحد الأدنى للأجور: يرى الكثيرون أن الحد الأدنى الحالي لا يتناسب مع الزيادة المستمرة في تكاليف المعيشة، مما يجعل من الصعب تلبية الاحتياجات الأساسية.
-
ندرة الفرص الوظيفية: يشكو البعض من قلة الفرص المتاحة، خاصةً في مجالات تخصصهم، مما يدفعهم لقبول وظائف بأجور متدنية غير مستقرة.
-
عدم توافق المهارات مع متطلبات السوق: يشير بعض الباحثين إلى وجود فجوة بين ما يمتلكونه من مهارات وما يتطلبه سوق العمل، مما يقلل من فرص توظيفهم.
الجهود الحكومية المبذولة
استجابةً لهذه التحديات، قامت الحكومة العُمانية بعدة مبادرات، منها:
-
إنشاء البرنامج الوطني للتشغيل: يهدف هذا البرنامج إلى معرفة التحديات التي تواجه تشغيل العُمانيين في القطاع الخاص، والعمل على تذليل تلك التحديات من خلال برامج تشغيل مستدامة وجاذبة.
تطوير نظام حماية الأجور: أصدرت وزارة العمل القرار الوزاري رقم 299/2023 بشأن نظام حماية أجور، الذي يلزم أصحاب العمل بتحويل أجور العاملين إلى المصارف المحلية في مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ استحقاقها، بهدف ضمان حقوق العاملين.
طلعات وحلول مقترحه
لتحقيق توازن أفضل بين أجور وتكاليف المعيشة، ولتلبية تطلعات الباحثين عن عمل، يمكن النظر في المقترحات التالية:
1. مراجعة دوريةللحد الأدنى للأجور: ينبغي إجراء مراجعات دورية للحد الأدنى للأجور لتتوافق مع التغيرات الاقتصاد ومستويات التضخم.
-
تعزيز التدريب والتأهيل: توفير برامج تدريبية متقدمة لتزويد الباحثين عن عمل بالمهارات المطلوبة في سوق العمل الحالي.
-
تشجيع ريادة الأعمال: دعم المبادرات الشبابية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي.
-
تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص: تشجيع التعاون بين الحكومة والشركات الخاصة لخلق فرص عمل مستدامة وتوفير بيئة عمل مناسبة.
الخلاصة
تُعد قضية الحد الأدنى للأجور واستياء الباحثين عن عمل من التحديات المهمة التي تواجه سلطنة عُمان. من خلال التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، يمكن إيجاد حلول فعّالة تسهم في تحسين ظروف العمل وتلبية تطلعات الشباب العُماني نحو مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا.